أحدثت روضة الشاعر في بداية ستيّنات القرن الماضي، على عقار تناهز مساحته 11.000 متر مربّع. وهي متكوّنة من بناية الروضة، ذات المعمار الأصيل، وحدائقها الخارجيّة الّتي تميّزت لعقود طويلة بوفرة الأشجار وتنوع الغطاء النباتي.
ويوجد جنوب الروضة، المعلم الأثري، «دار الأقنعة»، ويسمّى كذلك «دار الشاعر»، نسبة إلى إحدى لوحات الفسيفساء المكتشفة فيه خلال سنة 1961 من قبل عالم الآثار لويس فوشيه. وهي معروضة في متحف سوسة الأثري ( أنظر الصورة).
واتخذت روضة الأطفال تسمية «روضة الشاعر» سنة 1985، إبرازا لثراء الموقع الأثري المحاذي.
مع مرّ السنين، وعدم القدرة على العناية بالمساحات الخارجيّة، قُلِّصَ الفضاء المخصص للأطفال إلى حدّه الأدنى، أي قرابة 1000 متر مربع، وهُمّشت الفضاءات الخارجيّة، وأصبحت مع الأسف مرتعا للمنحرفين.
لذلك ارتأت بلدية سوسة حديثا إعادة تهيئة روضة الأطفال الشاعر، وفق مقاربة جديدة تعتمد على إدماجها في محيطها المباشر، واستغلال ثرائها الأيكولوجي لفائدة الأطفال، مع انفتاحها على سكّان الأحياء السكنية المحيطة بها.
يعتمد التوجّه الجديد على فكّ عزلة بناية الروضة، بإزالة الجدران التي قلّصت بشكل حادّ من الفضاءات الخارجيّة والمساحات النباتيّة المعدّة لفائدة الأطفال، وتهيئتها بصفة بيداغوجيّة وترفيهية لفائدة روّاد الروضة من ذوي الأعمار من 3 إلى 5 سنوات.
ويحتوي المشروع الجديد على تهيئة حديقة عمومية لفائدة سكّان الأحياء المجاورة، تتميّز بكثافة الغطاء النباتي وتنوّعه، وترتكز على إبراز المعلم الأثري «دار الأقنعة»، أو «دار الشاعر»، الّذي ترجو بلدية سوسة أن يتولاّه المعهد الوطني للتراث- باعتباره صاحب الاختصاص- بالترميم والعناية اللّازمة، ليكون نقطة إشعاع ثقافي بالمنطقة.
هذا و تتضمن الحديقة الّتي ستفتح للعموم أماكن للجلوس ومسرح للأطفال ليستغل للاحتفالات والتظاهرات .
ولعلّ من أبرز خصوصيّات الفضاء، قرب المائدة المائيّة من سطح الأرض، خصوصا في الجزء الشمالي للروضة، ممّا تسبّب خلال السنوات الأخيرة، في تكثّف الأعشاب الطفيليّة، وبعض النباتات الضارة.
ويحتوي مشروع تهيئة روضة أطفال الشاعر على استغلال مياه المائدة المائيّة لري الغراسات عبر شبكة كاملة لتجميع المياه الجوفية وتعديل مستوى المائدة المائيّة، وتركيز شبكة أوتوماتيكية للري.
وقد أنجزت البلديّة مجمّع مياه، في المنطقة الشمالية للروضة، سيمكن من استغلال مياه المائدة المائيّة للريّ، مع دور محوريّ في خفض مستوى المائدة المائيّة، حتى لا ترجع بالضرر على الفضاء ومختلف مكوّناته، وربط فائض المياه بشبكة تصريف مياه الأمطار يتم ربطها بالشبكة العمومية لتصريف مياه الأمطار بشارع غرّة جوان. .
تناهز كلفة هذا المشروع 300.000 دينار، يتم تمويلها في إطار التعاون اللامركزي بين الجمهورية التونسية والكنفدرالية السويسرية، وهو أحد المكونات الرئيسيّة لبرنامج التنمية الحضرية المندمجة لمدينة سوسة الذي يتم بالشراكة الفنّية والمالية مع كتابة الدولة للاقتصاد السويسرية.
وبالتوازي لعملية تهيئة حدائق روضة الشاعر، أعدّت بلدية سوسة في إطار ميزانية التنمية لسنة 2021، ملف لترميم وصيانة بناية الروضة، بكلفة تناهز 85.000 دينار.
أشرفت بلدية سوسة على مجمل الدراسات التي أنجزها جملة من الخبرات التونسيّة في ميادين تهيئة الحدائق، والهندسة المعمارية وهندسة الكهرباء، بالاستئناس بالتجربة السويسرية في مشاريع تهيئة الحدائق والمناطق الخضراء.
ومن المنتظر أن يعاد فتح هذا الفضاء العمومي في أواخر شهر نوفمبر 2021.
Précédent
Suivant