تهيئة حديقة بوجعفر

تباشر حاليا بلدية سوسة مشروعا لتأهيل وإعادة تهيئة حديقة بوجعفر، في إطار برنامج التنمية الحضرية المندمجة لمدينة سوسة، الّذي يتم انجازه، في إطار التعاون اللامركزي وبالشراكة الفنية والمالية مع كتابة الدولة للاقتصاد للكنفدرالية السويسرية.ويهدف المشروع إلى إدماج حديقة بوجعفر في محيطها المباشر، وانفتاحها على شاطئ بوجعفر المحاذي، وربطها بمسار فسحة متكاملة ومندمجة، تمتدّ من مدينة سوسة العتيقة المصنّفة تراثا عالميّا من قبل منظمة اليونسكو، بفسحة بوجعفر ومنها إلى الطريق السياحيّة.كما يهدف المشروع إلى فك العزلة عن حي قابادجي، بانفتاح هذا الفضاء عليه، في رؤية لبلدية سوسة ترمي إلى المحافظة وإبراز الخصوصيات العمرانية والمعماريّة لهذا الحي. ويحتوي المشروع في مرحلة أولى على إزالة الحواجز الحديدية في الواجهة الأمامية، وإعادة تهيئة الحديقة بالتركيز وتدعيم المحتوى النباتي، بما يستوجب إعادة رسم الممرات والساحات المبلّطة.ويحتوي المشروع على صيانة الحوض المائي، وإبراز النصب الرخامي المركّز فيه.كما يحتوي التدخّل على تركيز شبكة إضاءة تناسب الموقع وخصوصياته الإيكولوجيّة، للمحافظة على مرتكزاته النباتية، وأسراب الطيور التي تجد في أشجار هذا الفضاء ملاذا آمنا.إضافة إلى ذلك سيتم تركيز شبكة للري الأوتوماتيكي، وشبكة ويفي wi fi مفتوح للعموم علاوة على شبكة مراقبة متكاملة. أنجزت الدراسات بإشراف بلدية سوسة، عن طريق فريق عمل متنوّع ومتكامل مكون من خبرات تونسية وسويسرية في المعمار وهندسة الحدائق والكهرباء وتصميم شبكات الإنارة الفنية.تناهز كلفة المشروع 650.000 دينار، يموّل الجانب السويسري 500.000 دينار، وتتحمل بلدية سوسة البقيّة متمثّلة في مختلف الغراسات وتجهيزات الانترنيت وشبكات المراقبة. وقد انطلقت الأشغال في 17 ماي 2021، على أن يتمّ إعادة فتح الحديقة للعموم في بداية شهر أكتوبر القادم.نبذة تاريخية أحدثت حديقة بوجعفر ما بين 1919 و 1924 ، من قبل جمعية وقف سيدي بوجعفر على شرف الوليّ الصالح ( أبي جعفر أحمد ابن سعدون الأربسي، المتوفّى سنة 934 م)، وعلى عقّار ترجع ملكيّته إلى أحباس ( وقف ) الولي الصالح.صمّمت الحديقة على شاكلة الحدائق البارسيّة، إذ يغلب أنه وقع تصمميها عن طريق فنّين من بلدية سوسة ( أو إدارة الأشغال العامة)، تمّ تكوينهم في مدرسة الأشغال العامة «أيرولز » في باريس l’ecole d’Eyerolles de Paris) .)في سنة 1933، هُيِّأ الحوض المائي، ونصب فيه تمثال على نمط Art Déco من انتاج النحات الفرنسي ِ Charles raphael Peyre – 1872/1949 – ، بطلب من ابن مدينة سوسة إيشوا غويلة حوري، تخليدا لذكرى إحدى ابنتيه ( أو حفيدتيه) التي ماتت غرقا على شاطئ بوجعفر.أحيلت ملكيّتها إلى بلدية سوسة سنة 1936. وسمّيت آنذاك بحديقة شارل نيكول.في بداية الستينات، أقتطعت من الحديقة مساحة الطريق المحدث، شارع الجزائر ثمّ أميلكار. كما اقتطعت في جزئها الجنوبي مساحة عقّار تمّ به تعويض لعقار أُدْمِجَ في الطريق العام.وتمّ تحويلها في سبعينات القرن الماضي إلى حديقة حيوانات ثمّ حديقة عصافير، مما جعلها تشهد تغييرات جوهرية في شكلها، وتقليصا مهمّا في مساحاتها النباتية.هذه التغييرات أثّرت سلبا على الحديقة وموقعها في المدينة، وفقدت وصلها وصلتها بمحيطها العمراني، علاوة على تقليص حادّ في غطائها النباتي.واليوم تسعى بلدية سوسة إلى إرجاع الرونق الخاص لهذه الحديقة العمومية، وإعادة إدماجها في وسط مدينة سوسة، وفي مسارات فسحة وتجوال، تمثّل هويّة مدينة سوسة من خلال تراثها التاريخي وشاطئها المميز.